موضوع: في القدس فضاءُ ثقافي فني يتّسع رَغم الإعاقة الأربعاء ديسمبر 19, 2012 4:41 pm
هُنا القدس – عهد سمارة
في مدينة تجمع بين تفاصيلها تناقضات كثيرة، وبيئات متعددة لتولد الكلمة واللحن، ولتمنح أجسادا طاقة روحية ممتلئة بالعطاء والهبة، في مدينة جمعت في روحها وقدسيتها الأديان والأشخاص والثقافات والتراث، لتنطق بالعراقة والأصالة شوراعها، وأزقتها، ومساجدها، وكنائسها وحتى وجوه ساكنيها، وملامحهم، ولهجاتهم، التي تُتَرَجم كلها بكلمة واحدة "الثقافة"، و ما يندرج تحتها من فنون ومسرح وتراث وحكايا لا تمل.
جمعية برج اللقلق إحدى الجمعيات الفنية والثقافية في القدس الكائنة في موقع حساس من الزاوية الشمالية الشرقية لسور القدس و قلب البلدة القديمة، تقع على مساحة تسعة دونمات، أي ثاني أكبر مساحة بعد الأقصى، ما جعلها عُرضة للأطماع اليهودية ومحاولات الاستيلاء والتهويد لتحويلها لمستوطنة.
تضييق احتلالي
المدير التنفيذي لجمعية برج اللقلق، مُنتصر دكيدك، بين أن ما يميز الجمعية مكانها، وإطلالتها المقدسية، والعدد الزخم من مرتاديها من كافة الشرائح المجتمعية،من داخل البلدة القديمة بالإضافة إلى المواطنيين على أطراف وجوانب البلدة.
وأشار دكيدك خلال لقائه " هُنا القدس"، إلى المضايقات التي تعانيها المؤسسات الثقافية والفنية في القدس، من التضييق عليها في تنفيذ فعالياتها، وصعوبة الحصول على التراخيص والبناء ومنع تغير أي معلم من المعالم. "هنا نحن في رباط وإثبات للحق الفلسطيني من خلال أي نشاط نقوم به، لنتشيط الدور التنموي والثقافي".
وبين دكيدك أن العمل الفني المقدسي، يسير بطريق التطور والازدهار لتفعيل المدينة، "ما يحتاجه العمل التنظيم والتهذيب، وترتيب الشكل" وهو ما أرجعه إلى غياب المرجعية الفنية في البلدة، وفقدان الاستراتيجية والمنهجية الواضحة، التي لا تنمي الجهد، بقدر ما تُشتته.
وحول دور البيئة المقدسية المتنوعة في إثراء الفن المقدسي، قال "الفن الفلسطيني صاحب لمسات جميلة، وجوانب استعراضية رائعة تتوافق مع كل الأذواق".
حسرة التواصل
من جانبها عبرت مديرة دائرة المراكز الثقافية، في وزارة الثقافة، مريم أبو حلاوة، عن قلقها فيما يخص وضع المؤسسات العاملة في القدس، وعدم رضاها عن صعوبة التواصل مع القدس، ووضعها.
وحول تطوير واقع المؤسسات الثقافية والفنية العاملة في القدس، أشارت أبو حلاوة خلال حديثها لـ " هُنا القدس"، إلى البحث عن عمل مكتب خاص بالقدس، لمتابعة النشاطات الثقافية والفنية فيها.
وبييت دور الاحتلال في إعاقة التواصل، بين المؤسسات المقدسية وباقي المؤسسات في الضفة، رغم التشابك والتواصل بينها لتجاوز مضايقات المحتل، التي وصفتها أبو حلاوة بـ " بالتنشيط والتفعيل ومحاولة الاستفادة من الآخر".
وتابعت " ندعم مثل هذه التوجهات والأهداف المشتركة بين المؤسسات، ومثل هذه الشراكة خطوة في الطريق الصحيح وتخفيف لبعد التواصل".
الثقافة جدار مانع
ظهرت لأول مرة بلباس مقدسي حضاري، منذ ثلاثة أعوام، كفكرة استصرختها الحاجة، لتنقل فكرة لطالما انتشرت في العديد من البلدان، وتأخرت في الوصول إلى فلسطين، فكرة المقهى الثقافي، الذي يقدم على مائدته مواد دسمة للعقول، تغذي الأفكار بفضاء جديد لعالم الكتاب، يستضيف الثقافة بأمسيات ثقافية وفنية، ومناقشة الكتب، والمواد الأدبية والعديد مما يثري فكرة، أو يُنير درب.
"الثقافة الجدار المانع وخط الدفاع الأخير الذي له الدور المهم في تعزيز الهوية الوطنية الثقافية" ما عبر عنه مديرعام مقهى الكتاب الثقافي، عماد منى، خلال حديثه لـ "هُنا القدس".
وأضاف، "معوقات الاحتلال ليست غريبة، وسياسته واضحة ومعلنة، تتمثل في تجهيل الشعب الفلسطيني واضطهاده، ومحاربة لقمة عيشه وعمله، حركته وتنقلاته، ومن هنا يأتي دور المؤسسات الثقافية في القدس".
وحول ما يميز المؤسسات الثقافية العاملة في القدس عن مثيلاتها في الضفة، خصوصية واقع الأولى المتمثل بالمعاناة والتهويد المكثف، ومساحة الحرية بين المؤسسات الموجودة بالضفة، والاخرى بالقدس التي تعاني مساحة ضيقة، وهاجس الاعتقال والإغلاق، مما سيتدعي بحسب منى، العمل على رفع وتعزيز الهوية الوطنية ورفع مستواها الثقافي، وإعطاء كل مدينة حقها في فضائها الفني لتشع كل المدن الفلسطينية.